كتب ظافر ناصر في "الأنباء" الالكترونية:
السيادة مسلّمة وطنية لأي نظام سياسي في بلد مستقل، ولأي شعب يؤمن بها ويدافع عنها ويناضل لأجلها، فهي عنوان لكرامة الدولة في علاقتها ومكانتها بين الدول الأخرى.
وذلك بالرغم من أن السيادة ليست مطلقة بل نسبية بفعل التداخل الكبير في المصالح الداخلية والخارجية من جهة والتفوق القائم بحكم الواقع بين الدول من جهة ثانية.
في لبنان المسلّمة الثابتة تاريخياً هي أنه قد يكون من أكثر الدول اجتذاباً لمختلف العوامل التي تشكل انتهاكاً للسيادة وانتقاصاً منها أو اضعافاً لها، إلا أن شعار السيادة والقرار الحر يعتلي خطابنا السياسي دائماً دون أن نعير الاهتمام أحيانآ عن قصد أو غير قصد لفطنة الشعب وفهمهم العميق لباطن الامور وحقائقها ظناً من البعض أن الشعارات الرنانة قد تحجب الحقيقة وجوهرها.
من المظاهر السيادية الفاقعة في هذه المرحلة الدقيقة في لبنان شعار "الرئيس السيادي" والذي لا يجب أن يختلف إثنان على ضرورة أن يكون الرئيس سيداً وإلا أصيبت السيادة الوطنية بعطب أساسي بيد من يُفترض أنه يحميها ويصون الدستور.
فإذا كان شعار "الرئيس السيادي" محقاً وإذا سلّمنا أن المُنادين به مخلصون له فعلآ، إلا أن واقع الحال يؤشر الى جملة تناقضات لدى البعض ما بين الشعار والآداء مما يجعل من المناداة بالرئيس السيادي وسيلة للتعطيل والابتزاز وصولاً لإتهام الاخر بعرقلة مسار السيادة والاختيار الحر, وهناك من يعطل طبعا بحجة ان ادعاء السيادة هذه ما هو الا لضرب السيادة كما يفهمها او كما تقتضيه مصلحة محوره.
إن من أبرز مظاهر التناقض هذا والمفضوح هو انتظار موقف أو توجه لاجتماع دولي او اقليمي، وهناك من ينتظر موقف دولة في الشرق وأخرى في الغرب، إلى من يتنمى حدوث تطورات إقليمية إيجابية أم سلبية قد تقلب من موازين القوى خارجياً مما ينعكس على موازين القوى الداخلية، ويرافق كل ذلك إعلاميين على ضفتي الانقسام السياسي في لبنان يبشرون بكل ما سبق لمصلحة فريقه ولكن في الوقت نفسه الكل يتحدث بالسيادة وبالرئيس السيادي.
فإذا سلّمنا بأن لا سيادة مطلقة وأن الواقعية تقتضي الكلام عن منسوب السيادة لدى أي دولة أو في أي طرح لدى أي فريق سياسي، فإن مما لا شك فيه بأن منسوب السيادة في المقاربة التي قدمها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الاستاذ وليد جنبلاط القائمة على الحوار الداخلي لمناقشة الاسماء الممكنة وتقديمه عدداً من الاسماء والانفتاح على مناقشة غيرها، هو المسار الأمثل والأقرب للواقعية السياسية بين كل ما يقدم من طروحات وما ينتظره البعض من تطورات لا يخفى بأنها قد تصب في مصلحته لا لحساب السيادة او تحصينها وتمتينها.
وفي هذا السياق تأتي مقاربة رئيس التقدمي منسجمة تماماً مع شعار مؤتمره العام وحملته الانتخابية "لا إصلاح دون سيادة" و"صوت السيادة" بل تجسده فعلياً من خلال الحركة السياسية الداخلية التي بادر لها ودعوة الجميع إلى عدم انتظار الخارج الذي لا يأبه وقد لا يأتي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك